•  
A day in new york
Fictional writing
Haichem
Dubai, United Arab Emirates
بدا العالم باردًا كجواربي المبتلة حين خضت في الطين الذي يغطي افينيو الثامنة. خبأت يدي في جيوب المعطف وخبأت وجهي خلف وشاحي حتى لم تظهر مني إلا عيناي الهزيلتان. كان ذهني خاملاً لعدم وجود ما أتطلع إليه ذلك اليوم. وافترضتُ أن تمرَّ الساعات التالية على النحو التالي: قهوة، ذهاب إلى العمل، جلوس على المكتب أمام الكومبيوتر، المزيد من القهوة، مصعد، شارع المدينة، سيارة أجرة، عشاء أمام التلفاز، النوم. // مشيت على طول الرصيف المتصدع عند الساعة 7:30صباحًا مثلما أفعل كل صباح. ومررت بجانب بائع الهوت دوج ذي الملاءة التي عليها صورة ذئب. ولاحظت المتسكع ولافتته الساذجة: "أحتاج النقود لشراء الطعام، مع زجاجة بيرة إن أمكن"، تجنبت النظر في عينيه حتى لا أشعر بالذنب. لطالما امتلأت الشوارع بالكثير من الوجوه المألوفة غريبة الطباع – مثل موظفي وول ستريت متوسطي العمر وطلاب الفنون العصرية وفتيات المدينة غريبات الأطوار والسياح المتزاحمين، مع أنني قد أُطري أحيانًا في ذهني على ضفائر أحد السياح الفرنسيين المنتشين أو الرسوم على بنطال إحدى الفتيات غريبات الأطوار. في أثناء انشغالي بتقييم تدرج اللون الوردي لأنفي قاطعني اقتحام رجل لمحيطي الشخصي. لقد شعرت بنظرته من على كتفي ورنوت إليه بخجل. كان شابًا صغيرًا في العشرينات، بني الشعر والعينين، وكان ينظر إلي. كان هذا الشاب جذابًا نوعًا ما ويرتدي بنطال جينز يصل إلى كاحليه. تابعنا التحديق لفترة أطول مما أردتُ أن أفتح عيني في ذلك اليوم، لكنني ولسبب ما شعرت أنه يجب أن أبقي عيني مفتوحتين. // رأيت في عينيه شيئًا مريحًا. لم أفهم كيف لذلك أن يحدث، ربما السبب في حاجبيه المرفوعين قليلاً عن موضعهما الطبيعي، أو تلك الدمعة الصغيرة التي بدأت تتشكّل في زاوية عينه بسبب البرد القارس. مهما كان السبب فقد شعرت بدفئ كأنني مغمورة برمال الكاريبي الدافئة في الظهيرة. أغلق عينيه بحيث لمست رموشه الطرف الأعلى لوجنتيه ومن ثم فتحهما بسرعة وارتسمت ابتسامة على محيّاه انضمّت فيها شفته السفلى إلى العليا مع امتداد طرفَي فمه. للحظة نسيت اليوم الممل الذي ينتظرني والبرد القارس الذي كان يلتهم أنفي. رغم كوننا غريبين عن بعضنا البعض، لكنني استطعت أن أفهم كل شيء في عينيه. لقد كان إنسانًا وكان لديه صراع ويوم خاص بانتظاره وحياة خاصة وراءه. لم يسبق لي أن تحدثت مع هذا الرجل أو رأيت وجهه من قبل، ولم أعرف اسمه حتى! لكنني فهمته أفضل من معظم الفتيات الثملات اللاتي تحدثن معه في حفلات المدرسة الثانوية. // تجاوزَني وتابَع السير إلى مستقبل لن أعرفه مطلقًا، وتابعت أنا السير دون أن أجرؤ على النظر ورائي خوفًا من أن أخرّب حميمية اللحظة. ابتسمت وحدي بسذاجة وتابعت طريقي إلى العمل نحو المبنى رقم 22 ’A‘ مع قهوتي ذات العلامة التجارية الشهيرة. كنت أتوق إلى محادثتي الصامتة التالية. أما الآن فسأجلس على مكتبي الذي لا يحترم الخصوصية وأذكر الشخص الذي يفهمني.
Happiness Meter